حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ٢١٠
كما أبرزه صراعه في مكة من قبل، وعثمان حائر يخشى أن يمثل في هذه المعركة دور أبي جهل، يخشى أن يكون داعية النار، فعمار داعية الجنة وعلامة الهدى كما يعلم كل المسلمين، ويخشى أن يغضب فيه بني هاشم.
واجتمع مرة قوم من الصحابة فيهم الزبير وطلحة والمقداد وغيرهم يتزعمهم عمار، فأتمروا ثم اتفقوا على كتابة كتاب يوجهونه إلى عثمان يطلبون فيه إليه - بعد عد مساوئه - التوبة وإعفاء الناس من بيعته، ويكتب الكتاب، وينهض عشرة من القوم خلف عمار تتخطفهم المنعطفات أثناء الطريق، ويستمر عمار وحده حتى يدخل على عثمان فيسلمه الكتاب، فيقول له عثمان بعد قراءة الكتاب: أنت كتبت هذا؟ فيقول عمار: نعم، ويقول عثمان: كتبته وحدك؟ فيقول عمار: بل كان معي نفر تفرقوا خوفا منك. ويقول عثمان: من هؤلاء النفر؟ فيقول عمار: لا أخبرك بأسمائهم، ويقول عثمان: ولم أقدمت وهابوا؟ ولكن مروان يسبق إلى الجواب هذه المرة فيقول لعثمان: إلى متى تصبر على هذا الأسود؟ إنه جرأ عليك الناس، فلو قتلته أرهبت من وراءه وجعلته نكالا للمتمردين!
فيأمر عثمان بضربه، فضربه الغلمان وشاركهم عثمان بضربه حتى فتقوه وغشي عليه، عند ذلك حملوه وألقوه كما تلقى النفاية في الطريق، وتطل أم المؤمنين أم سلمة على الضوضاء، فتجد عمارا نفسه مغشيا عليه فتحمله إلى بيتها حيث يبقى غائبا حتى تفوته صلوات الظهر والعصر والمغرب،
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست