وزاد الطين بلة أنهم رأوا الخليفة يحمي هؤلاء الصبيان الأغرار فيكرر سابقة عبيد الله بن عمر القضائية في الوليد بن عقبة. فيحميه من الحد، في كبيرة ازدوج فيها شرب الخمر والاستخفاف بالدين، إذ سهر ليلة مع قيانه وندمانه - وهو أمير للكوفة قبل سعيد بن العاص - يشرب حتى مطلع الصبح، فلما دعي إلى الصلاة خرج إلى المسجد بثياب السهرة، وصلى بالناس ركعتي الصبح، ثم التفت إلى الجماعة - وما تزال الخمرة تخفف طبعه - فقال ساخرا: إذا شئتم زدتكم.
ولا يخفى على الناس ما في إخضاع الصلاة الركن للزيادة والنقصان من هزء ملحد في الدين، لذلك ضجت البينات من الكوفة إلى المدينة وأثارت الرأي العام الإسلامي كله، ولكن الوليد محمي يحميه الخليفة من القضاء.. من الله ذاته، فإذا اشتد اللغط، وعظم الاستياء أمر الخليفة بإقامة الحد على الفاسق الملحد، أمرا تحركت به شفتاه، ونهت عنه ملامحه، لذلك لم يجرؤ أحد على إقامة حد الله حتى اضطر علي نفسه أن يكون جلادا، وكان الفاسق مطمئنا إلى نجاته من الحد حتى رأى عليا يتناهض هنالك أحس وقع السياط قبل أن تقع، فهذا رجل لا ينسى الوليد أنه قتل أباه في الحق صبرا، وهو طفل عده النبي حطبا للنار (1). ويحاول أن يفر من بين يدي