الشر بينهما بعد وداع أبي ذر، أو عظم اتهام عثمان لعلي عظيما أفقده توازنه. اشتد حتى استدعاه مرة في ظهيرة قائظة وضربه بالخيزران حتى شفا نفسه وعلي يسدي إليه النصح ويرجو له الشفاء، ولان حتى مشى إلى علي يستعطفه بالرحم، ويستنهضه بالعصبية، ووسط العباس مرة، وعبد الله بن العباس مرات لاكتساب رضى علي الذي كان يعتقد قدرته على إنقاذه، وما ندري أمكر به عبد الله أم كان صادقا حين اعتذر إليه عن إخفاق وساطته بأن عمارا يصرف عليا عن الرضى، وبأنه لا مطمع بالتأثير على علي وعمار موجود.
* في هذه الأحداث الخطيرة لا يغيب ظل عمار، ولا يفتقد شخصه ولا رأيه، ولكن عثمان يرعى قدر عمار الجماهيري، ويخاف مأثورات النبي فيه، ويهاب التزام علي به، فيعفيه من لسانه، ويعفيه من سوطه هذا السوط الذي استحدثه فكان من أشد المطاعن عليه.
لكنه - وقد ادعى الحق المطلق فيما سمعت، فكبحه علي، ورد عليه عمار - انفجر فشتم عمارا، وهاب عليا في الملأ، ثم انفجر عمار كذلك فإذا هو يقوم ويقعد بعثمان، ومستحدثات عثمان، ويستدعيه عثمان فيمتنع، ويساق إليه بالقوة فينساق، ولكنه لا يكاد يخرج من مجلس عثمان حتى يعود إلى المسجد يتحلق حول الناس وهو يحدثهم ويعبئهم ويجسد لهم أخطار الطغيان في مساوئ العهد، ويوكل به عثمان نفرا من الشرطة يفرقون عنه الناس كلما اجتمعوا حوله، في صراع أبرز عمارا