فإذا أفاق ووجد حوله من أمهات المؤمنين أم سملة وعائشة وحفصة وغيرهن من أقطاب المعارضة، حمد الله وذكر الصلاة، فتوضأ وصلى، ثم تذكر فتنة أبي جهل، وقال: إن ضربت فلطالما عذبت في سبيل الله، وخرج عثمان بعد إغماء عمار فوجد بني مخزوم متجمهرين، وعلى رأسهم هشام بن الوليد بن المغيرة، غضبا لحليفهم ويقول هشام لعثمان: والله لئن مات عمار لأقتلن به رجلا عظيما من بني أمية، فلا يزيد عثمان في الجواب على الابتسام الساخر وينصرف ليشتبك مع علي.
قال المحدث: وكان هذا الحادث الشرارة الخطرة التي أضرمت النار فدلع لهبها حتى انتهت بمصرع الخليفة الشهيد يخذله عماله من آله على عمد كي يستأنفوا الحكم بسبب من دمه. ولكن عمارا على عنف معارضته لم يشترك اشتراكا عمليا بقتل عثمان، وإنما كان متأثرا خطوات علي في حب النجاة من دم الخليفة، قد دخل مع علي يوم الحصار على عثمان فنصح له بالتخلي عن الحكم، أو تسليم مروان، ثم لم يزد برغم أنه لا يرى عثمان من أهل الإيمان، فقد كان يقول: كفر عثمان كفرة صلعاء، وجادله الحسن مرة في إسلام عثمان وكفره، وترافعا إلى علي في هذه الخصومة فأجابهما عليه السلام جوابا مرنا.