وكان (الحكم) هذا وأبناؤه من أبناء عم عثمان (طفيلات) ضارة، حاول النبي إصلاحهم ولكن فسادهم كان جذريا عميقا غير قابل في ذاته للإصلاح، لأنه فساد نفس، وفساد عقلية، مستمدان من فساد إرث وفساد استعداد، في تعقيد وتركيب متواترين حولاه إلى مرض لا يزيده الدواء إلا انتكاسا. وكانت بهم - إلى أصالة هذا الفساد واستعصائه - قابلية التهويش، وصلف المواجهة، على نحو يسئ القدرة في النفوس الضعيفة، ويجرئ (الغوغاء) على نشر الفوضى، وبث السفاهة واللامبالاة وقد بلغ من غوغائيتهم أن أقدم الحكم غير مرة على تمثيل النبي في مشيته، ومحاكاته محاكاة (كوميدية) ساخرة، فمشى خلفه يتغامز ويتخالج ويتخلع، حتى التفت إليه النبي، ورآه فلم يزد على أن قال له: كن كما أنت فكان اسمه بعد ذلك (المخلج) و (الحاكي) يناديه بهما الناس نداء تشهير وتحقير، وجرؤ غير مرة على أن يتطاول متجسسا على النبي في غرفته الخاصة، وما كان النبي إذا حمي غضبه يزيد على أن يقول: من عذيري من هذه الوزغة! وكان الناس بعد ذلك إذا حدثوا عنه أو عن ابنه مروان قالوا، الوزغ (1) بن الوزغ.. إلى غير هذا وذاك من ألوان السفه الذي لم ينته عنه، ولم ينته عن مثله أبناؤه، والذي شاركهم به من كان أقرب إلى عثمان منهم،
(١٩٧)