حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ١٩٤
لأن هذا فارسي، وذاك فارسي، فيقتله.
إنها مشكلة لو واجهها عمر لم تكن مشكلة، لأنه يقضي فيها بالعدل فيقدم حياة القضاء العامة، على حياة ابنه الخاصة إذا لم تكن تدرأ الحد شبهة (1) وينتهي الأمر بمثل هذه البساطة، ولكنها وقد واجهت عثمان عادت مشكلة من أدق المشكلات، وأدعاها إلى الخوف على مصير القضاء هذا المرجع العادل الذي بدأ يحابي في الحكم، ويظاهر القوي على الضعيف، وينصر العربي على الفارسي، ويدخل على موازين العدل اعتبارات تذكر بعهود الاقطاع والعصبيات وقوانينها الجائرة.
خشي الناس هذا كله وهم يراقبون سير هذه المشكلة، وراعهم الحل الذي صار إليه (أبو عمرو)، فقد حمى عبيد الله، وأهدر دم (الهرمزان) دون سند في هذا وذاك إلا السند الاعتباطي الذي يعطل حدا صريحا من حدود الله، ويحيي سنة صريحة من سنن الجاهلية، وكأنه يريد أن يرد على عمر بعض جميله بالوفاء له في حماية ابنه من القانون. أي من الله ذاته، أو كأن هذه الحماية فرضت عليه، فرضها أبو سفيان الذي أوهمه الوفاء لعمر، وأراد شيئا آخر، أراد تعطيل هذا الحد ليفسد النظام القضائي الإسلامي، فيفسد بفساده أقوى دعائم

(1) من أصول المحكمة الإسلامية هذه القاعدة. (تدرأ الحدود بالشبهات) وفلسفتها الاحتياط للنفوس التي لا يصار إلى إزهاقها إلا بعد البينات القاطعة التي توجب القصاص المفروض هو الآخر لحفظ الحياة، وحماية السلامة العامة.
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست