الذي ضمن انقياده وطاعته.
ولكي تجتمع لنا صورة واضحة الخطوط لهذا الموقف الدقيق أسوق قصته على الوجه التالي:
طمع أبو سفيان إلى نصيب من الحكم قبل (السقيفة) دون شك، وعمل على تحقيق طمعه دون شك أيضا، فقد رأى أحزابا مختلفة تتألب على علي، وتتفق على تنحيته بعد النبي وتوسعة الأمر في قريش فانضم إليها إن لم يكن في طليعتها وعمل معها في هذا النطاق، إن لم يكن الباعث على العمل ضمن هذه الحدود. نعم كان ضعيف الأمل، أو قل: إنه كان يائسا من ظفره بشخصه لأن كل المقاييس المتبعة يومئذ تخذله وتتنكر له، ولكنه في صميم هذا اليأس من نفسه لم يكن يعقل أو يتصور أن تصير الخلافة إلى أقل حي في قريش. بل كان يعقل ويتصور أن يرث علي محمدا، ولا يرى في هذه الوراثة شيئا غير طبيعي، فإذا أمكن زحزحة الأمر عن هذا الوارث الطبيعي، كان مما يعقل ويتصور أن يتقدم للأمر أموي، فإن امتنع شخصه، فلا بأس بتقديم نائب عنه من حزبه، وفي حزبه صحابي ذو سبق وبلاء تتوفر فيه مؤهلات ترضى المقاييس المتبعة، وليس هذا الصحابي الذي يرشحه أبو سفيان غير عثمان.
ولكنه أفاق يوم السقيفة فلم يصدق ما رأى، وكبر عليه أن يلي الأمر أبو بكر حتى كاد يجن، ورأى في الأمر لعبة خفي