حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ١٧٦
مرات، ويعلن اسم عثمان مرات، فما شأن هؤلاء الأربعة وفيم يقحمون أنفسهم في أمر من لا يرجونهم، ولا يرشحونهم، ولا يحسبون لهم أدنى حساب؟
ليس من شك في أن الضغط الخارجي هذا قصر الطريق وحصر المنافسة بين المتنافسين الحقيقيين، وليس من شك في أن هذا الضغط الخارجي قذف الأربعة من أقرب الطرق إلى الموقف الذي هيأه أبو حفص قبل وفاته، وكان أقرب الجميع إلى الاعتراف بهذا الواقع طلحة، لم يسق إليه الهتاف خبرا جديدا، فهو يعرف من الحقيقة ما يعرفه الجمهور، ولكن الهتاف أنقذه من التردد، وأنجاه من سخف المحاولة، فقطع الوجوم الذي كان يسود الاجتماع، وتنازل عن حقه لعثمان، وبادر الزبير خلفه فتنازل عن حقه لعلي، ولحقهما سعد فألقى زمامه بيد عبد الرحمن وسكت علي، وظل عثمان ساكتا، وأسفرت الجولة الأولى عن رجحان بين لبعد الرحمن، لقد ملك صوتين كعلي وكعثمان، وزاد عليهما بأن صوته يعادل صوتين بحكم الإرادة العمرية، فهو حتى الآن مركز الثقل حقا، ترى أيضم صوته لنفسه فيخرج على خطة عمر القائلة:
(وما زهرة وهذا الأمر؟) أم يمضي إلى أمر عمر، وخدمة صهره؟ أم يعدل عن هذا كله ويتجه إلى علي صاحب الأمر في عقيدة الكل؟ كان الرجل ساكتا أيضا، وكان يدير في فكره لفتة بارعة لا ندري أهي من بناته، أم من محفوظاته؟ ولكنها بارعة في كل حال، قال حين تكلم: أما أنا فأتنازل عن الخلافة لقاء
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست