حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ١٨٤
انتفاضته، ويذكر إطفاء علي نار هذه الانتفاضة، ثم يسكت، نعم يعرض عرضا لامحا خاطفا لحيرة أبي بكر وعمر بموقف أبي سفيان، ويشير إشارة عابرة إلى تدارسهما خطة تقيهما شر هذا الداهية، وتدفع عنهما وبال دسه، ووبيل نشاطه، وإلى أنهما انتهيا إلى (تأليف) قلبه بالمال كما كان النبي يتألفه، وإلى أنهما فضلاه بالعطاء حتى بعد إلغاء عمر مادة (المؤلفة قلوبهم) من نفقات (الخمس) إذ رفعه من درجة المنافقين، ووضعه في درجة (أشراف مكة) - راجع ابن الأثير - هذه الدرجة التي استحدثها ليضربها - فيما أظن - إسفينا طبقيا في سياسة النبي الشعبية، يصطنعها لسياسته الخاصة بعد موته.
ولم يكن اعتذاره عن إلغاء هذه المادة بقوة الإسلام، إلا ستارا ألقاه على مخالفته الصريحة، بدليل أنه لم يلغ هذه المادة في الواقع، بل عدلها، فبدل عنوانها، ومن الواضح أن عنوانها الأول - المؤلفة قلوبهم - فيه من الحكمة ما يدعو إلى محو هذه الطبقة من المنافقين تدريجا، والحد من نشاطهم وتأثيرهم مع الاحسان إليهم كما أنه لواضح كذلك أن العنوان الثاني (أشراف مكة) فيه من الحكمة ما يدعو هذه الطبقة إلى الانتعاش والنشاط والقوة. وكان بعد تبديل هذا العنوان يخضع قانون (العطاء) للاستثناء، ويخضع (الاستثناء) لسياسته فيخالف بين (عطائه) في صميم الطبقة الواحدة، وكان يخالف في طبقة المشركين من المؤلفة قلوبهم أو (أشراف مكة) - على حد تعبيره - فيفضل أبا سفيان ومعاوية بعطاء ضخم، فإذا
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست