حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ١٧٣
إلى صراحة طريقته، ولكن مكان علي في نفوس الناس، ورسوخه في الرأي العام كانا من الوضوح حيث لا يخفيان على أبي حفص، كما كان ضعف عثمان في نفسه، وكراهة الناس لبيعته واضحين لأبي حفص وضوحا لا يحتاج معه إلى دليل، لهذا وذاك كان مضطرا إلى مداورة الرأي العام ومصانعته كي يفرض عليه ما لا يختار، ويلزمه بما يكره، دون أن يتعرض منه لسخط، أو يخالف بنظره ما يعتقده من الحق في الرجلين، ومن هذه المداورة البارعة أنه ذكر عليا ففضله، ولم يخالف به شيئا من نظرة كل الناس إليه لولا غمزة أرسلها على عمد، وكأنه أرسلها عفوا، ثم ذكر الخمسة ولم يراقب فيهم ما يخشاه من ثقة جمهور، أو مخالفة لما يعتقد، وبهذا استقامت مداورته أعظم الاستقامة، فضمنت له ما أراد دون أن تكلفه عناء التعيين، أو تحمله تبعة المواجهة، (بإرادة) أعطاها حكم القانون، وأدارها بلباقة على النفي والإثبات حتى انتهى إلى التعيين، ولم يستخدم لفظه، ولا صورته ولا محاباته، ولا تحيزه وليس شئ أوضح من نجاح عثمان في هذا النطاق الذي ضربه على الشورى، كما لم يكن شئ أبين من فشل علي في هذا النظام الذي فرضه لها، فعبد الرحمن صهر لعثمان يرى بنجاحه نجاح نفسه، وسعد ابن عم لعبد الرحمن لا يخالفه، ولا يعدو صفه، وطلحة تيمي لا يختار هاشميا إذا يئس من نفسه، فمن بقي من الستة؟ علي والزبير؟ فليرصد لهما السيف إذا خالفا.
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست