حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ١٤١
إمام حقا - فلماذا لا يأمرني ويأمر من معي بالقتال؟ وإذا كان إماما حقا - وهو إمام حقا - فلماذا يتظاهر عليه هؤلاء ويسلمه الجمهور؟ وإذا لم يكن إماما حقا - وهو إمام حقا - فما معنى الإسلام، وبماذا تفسر نصوص النبي، وكيف نفهم حرصه على تقديمه وتفضيله؟ أأنا وحدي مؤمن والناس كلهم ملاحدة شذاذ مارقون؟ أم الإيمان شئ مرن يفسره الناس وفق مصالحهم ومنافعهم؟ علام شقينا وامتحنا - إذن - وشربنا كؤوس الموت؟
عمار يعرف أجوبة كل هذه الأسئلة معرفة قديمة، يعرفها وهو ابن عشرين، فهو منذ ذلك العهد كان يدير عليها حواراته مع أبيه وقد رأى النبي نفسه يضطهد أول أمره فلا يدافع عن نفسه، ولا يغضب له الله فيهلك أعداءه، ثم لا يأمر أصحابه بالدفاع عنه ولا عن أنفسهم خشية الفتنة، ثم رأى النبي قليلا ورأى عدوه كثيرا، وعلم بعد ذلك أن الإسلام قدم عليا، ولكن الأحزاب أخرته وأن تقديم الإسلام لا يضره ولا يضر الإسلام في جوهره تأخير الأحزاب، وإنما يضر تأخير الأحزاب الأحزاب أنفسها، وما شك من قبل في أن قلة المؤمنين لا تدل على بطلان الإيمان إذا لم تدل على صحته، وأن كثرة المنافقين لا تصحح النفاق إن لم تؤكد بشاعته!
عمار يعرف هذه التساؤلات معرفة قديمة ثابتة مجربة، ولكن المأساة حملته فوق ما يطيق، فحم وهذى وكان يجن.
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست