غرة، ثم يبرر خروجه بينه وبين نفسه على علي بهذا الربح العظيم، ولكن الأحداث خيبت ظنه، وأفسدت تقديره، وهذا أبو بكر يطلع عليه بصاحبيه في وقت يناسبه، ولا يناسب سعدا، سعد ما يزال يدير القول مع الأنصار، ويريدهم على البيعة له فيجدهم غير خفاف ولا سراع، ولو أبطأ أبو بكر ساعة لراض سعد الجامح من قومه فارتاض، ولكن سوء حظه، أو سوء نيته، أو هما معا رمياه بأبي بكر في لحظة تناسب أبا بكر، ولا تناسبه.
وكان الأمر مختلفا بين سعد وبين أبو بكر، هذا مقبل من موقف ملأ نفسه معنوية، وسلحه بقوة المبادرة، وزاده هذا الغزو للأنصار في سقيفتهم قوة على قوة. أما ذاك فلم يكن ضعيف النفس ولا مفلول الرأي، ولكن إيمانه بحق علي (1) في عقله الباطن أوهن عزمه، فهو مهزوم بسبب خفي لا يبين في مظهر طموحه، ولا في سير الحادث وحواراته، هذا السبب هو تقدمه لغصب حق يعلم أنه لعلي بعد ممالاة قديمة على غصب هذا الحق، ولعله كان يتبين هذا السبب ويحسه ولكنه قد تورط، وتطوع هو بشق الطريق إلى هذا الغصب - كما كان يعتقد - فلم يعد قادرا على تراجع أو نكوص. وكان حتما عليه أن يتحمل التبعة، ويتابع المعركة مهما كانت النتائج. يضاف