قال المحدث: وعاد عمار من المسجد يصاف سلمان والمقداد والزبير مختلطين ببني هاشم، خلف علي والزهراء، وما عاد إلا معافى من حماه، ثابتا في معرفته، مفكرا في صمته، مجندا للإسلام في هذه القلة من أصحاب علي ممن عرفوا بعد ذلك باسم الشيعة، وقد فكر وقدر واستعرض الأحداث وحللها وعللها على نحو ما سمعت في هذا الفصل، فلم يستطع إلا أن يكون شيعيا فكان، ولو أراد الغنى والوفر والراحة لوجدها في غير هذا الصف، ولكنه أراد الحق وأراد العدل، والحق والعدل قيمتان لهما ثمن باهظ، وهو منذ كان مسلما يسدد هذا الثمن أقساطا من الجهاد المتصل الثقيل الرفيع، أتراه يمتنع عن الدفع في لحظة يهدر فيه الامتناع كل ما بذله فيما سبق، ويخرج صفرا من ثروته المعنوية التي لم تتح إلا للأقلين؟
سأل نفسه عن ذلك.
وكان الرجل أبر في نفسه، وأتقى في دينه وأذكى في عقله.