من النص عليه، معتزة في الختام بذات الحق فقائلة: (ألا وقد قلت ما قلت على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم من خور القناة، وضعف اليقين، فدونكموها، فاحتووها مدبرة الظهر، ناقبة الخف باقية العار، موسومة الشعار، موصولة بنار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة، (وإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد).
كان هذا صدى خشونة عمر، وهو صدى لولا الارهاب وحكمة علي لسارت (المدينة) معه في اتجاه آخر من اتجاهات التاريخ المفتحة الأبواب في هذه اللحظة، والواقع أن عمر بفعلته هذه حمل عقول الناس في هذا اليوم فوق ما تطيق، من كسر لضلع الزهراء وسوق لعلي، وإضرام للنار أمام دارهما، فعلي سيف الله ووصي رسوله، والزهراء بضعة النبي وسيدة نساء العالمين، ودارهما مهوى قلوب المؤمنين، وقبلة آمالهم، فأي غليظ من هذه الأحداث يعرض على عقول المسلمين الذين رأوها بأعينهم ثم لا يهزها بزلزال شديد؟ وأي غريب من تسور عمر على علي - في حساب معاصريها - لا يخض العقيدة الإسلامية نفسها في صدور العامة، وبين علي وعمر بعد بعيد في كل حساب، وقد عبر عنه عمر نفسه مرة أبلغ تعبير فقال: كنا ننظر إلى علي في عهد النبي كما ننظر إلى النجم، وما يزال علي في نظر الناس نجما يرتفع فوق عمر عندهم في ميزان السابقة والجهاد والتضحية والعلم والعدل والرأي، يرتفع بهذه كلها قبل القرابة، وقبل الدم والوراثات لا