الخطر كل الخطر في أخذه بالشدة ذلك أنه غير مبايع حتى يقتل، ولا يقتل قبل أن يقتل أولاده، ولا يقتل أولاده إلا أن تقتل الخزرج، ولا تقتل الخزرج والأوس في عافية. قال صاحب الرأي: وهو - بعد - رجل يتمنى أن تعرضوا له بسوء ليتخذ من تحرشكم حجة لإعلان الحرب. أما علي فإنه أمنع من ذلك وأشد خطرا لو كان من أهل الطيش، ولكن الذي يعين على علي حلمه وعقله وحرصه على مصلحة الكل، فالذي منعه من التقدم إلى الدعوة لنفسه يمنعه عن الثورة إذا أخذتموه بالشدة، من أجل هذا ينبغي أن تبدأوا به، ولتعلموا أنكم في أمن من غضبته فإذا ظفرتم ببيعته لم يضركم تخلف سواه من سعد وغير سعد، فإن بيعة علي تعدل بيعة سائر المسلمين.
ويرسل أبو بكر يدعو عليا إليه، فيمتنع علي ويقول للرسول: أبلغ أبا بكر أني متفرع لجمع القرآن وتدوينه قبل أن تأتي عليه الصروف، أو تعتدي عليه الأيام، وقد آليت أن لا أخرج ولا أضع على كتفي رداء قبل جمعه وتدوينه. ويدعوه أبو بكر ثانية فيمتنع. عند ذلك يتطوع عمر لإجباره على المجئ ويمده أبو بكر بخالد وأسيد ونفر من الحاشية والشرطة، وتتوجه هذه الحملة بقيادة أبي حفص إلى دار علي معلنة، تقدم بين يديها الرعب، وتجر خلفها الارهاب، يتقدمها الحطب والنار بأيدي غلمان كغلمان أبي جهل، وينتشر وراءها المخذلون بإرجاف كإرجاف الحرث بن النضر، فإذا انتهى