الزحف إلى دار علي وكوم على بابها الحطب قبل لعمر: ماذا نراك صانعا يا أبا حفص؟ فيقول: والله لأحرقن عليه البيت إن لم يخرج فيبايع. فيقال له: ولكن في البيت فاطمة؟ فيقول:
(وإن)..
قال المحدث: نجح عمر بحمل علي على الخروج، وسوقه من بيته إلى المسجد في مأساة منعه من شرها يومئذ حلم علي والأحكام العرفية ولكنه لم ينجح بحمله على البيعة، بل هيأ له وللزهراء التي لحقت به في جمهور من حفدتها أن يعلنا في أشهر يوم من أيام المدينة وأجمعه للناس، رأيهما بخلافة أبي بكر وهو رأي النبي، ورأي الآلاف ممن استنفرتهم غرابة المأساة، وحشدهم شذوذ الحادث. وقد تهيأ لعلي في هذا الملأ أن يقرع أبا بكر بحجته على الأنصار، ويزيد على حجة أبي بكر تلك بما عنده من حق وعلم ومنطق واعتدال لا ينكر عليه أحد من الحاضرين شيئا منها، كما تهيأ للزهراء - وقد أسدل بينها وبين الحشد ستار - أن تبسط قصة الإسلام حرفا حرفا، وسرا سرا، ومرحلة مرحلة، حتى تنتهي منه إلى المشكلة الحاضرة، فتدين الحاكم الجديد بالاغتصاب، والجمهور بالردة، إدانات بينة تقيم عليها الشواهد، وتدلي فيها البراهين، معلنة أن أباها لم يمت حين مات جسده، ولكنه مات يوم نزا على منبره من لا تحمله إلى هذا المنبر كفاءة، ولا يرشحه إلى ارتقائه حق. ثم توبخ الأنصار، وتوبخ الجمهور جزاء تناسيهم ما حفظوا من حق زوجها، وتجاهلوا ما علموا