حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ١٤٨
وهم جميعا الآن إزاء أمر واقع لا تنفع فيه الملاحاة، ولا يغني عنه الجدل، فليبق ما في النفوس في النفوس، ولينشط الكل لإقرار الأمن، وحفظ الدولة، والدفاع عن الدين.
وكان علي أسرع الجميع إلى الاستجابة لنداء ضميره استجابة حدثنا عنها فقال: (فوالله ما كان يلقى في روعي، ولا يخطر ببالي أن العرب تزيح هذا الأمر من بعده - صلى الله عليه وآله - عن أهل بيته، ولا أنهم منحوه عني من بعده، فما راعني إلا انثيال الناس على أبي بكر يبايعونه، فأمسكت بيدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام، يدعون إلى محق دين محمد - صلى الله عليه وآله - فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدما. تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل. يزول منها ما كان كما يزول السراب، أو كما يتقشع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق، واطمأن الدين وتنهنه).
لم يكن يبالي شيئا غير الإسلام، ولا يخشى شيئا غير محق الدين فلما رأى راجعة الناس ترجع عن الإسلام، نسي ذاته، وداس كل اعتباراتها، وتجند - ولما يبايع - وجند أصحابه، وكان أول محام عن الثغر، وما عجب الناس إذ رأوه طليعة الدفاع عن المدينة، بل مشوا خلفه يكشف ويكشفون معه طليحة بن خويلد ومن اجتمع له من أسد وغطفان وطي وكنانة، وقد طمعوا بمن في المدينة، وأطمعهم بهم انقسامهم، ولكنهم
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست