فلما زايل موقفه من الجمهور انحاز إلى جماعة المهاجرين وصحب معه عمر وجلس الجميع على باب النبي، وأبو بكر يرصد الحوادث، ويراقبها ويظهر - حذر الانتكاس - إنه ينتظر خروج علي ليبايعه. ويمر رسول أبي سفيان: المغيرة بن شعبة، يجس النبض ويثير الفتنة ويستطلع لحزبه تطورات الموقف، فيقف على رأسي أبي بكر وعمر ويقول لهما: (ما يقعدكما هنا كما أرى؟) فيقول أبو بكر - ولا تخفى عليه أموية هذا الشيطان -: (ننتظر هذا الرجل - يعنيان عليا - حتى يخرج فنبايعه) فيقول - وهو يعرف رأيهما -: (أتريدون أن تنتظروا حبل الحبلة في هذا البيت؟ وسعوها في قريش تتسع) (1) ولم يجيباه بشئ، فالموقف دقيق دقيق لا يحتمل الأخطاء، ربما كان الأحزاب على اتفاق سابق، أو هم متفقون على إقصاء علي، ولكنهم متنافسون على الجلوس مكانه، فمن الحزم والحنكة التكتم والاحتياط فقد تضطر المنافسة بعض هذه الأحزاب إلى العودة لعلي والانتصار له كراهة بالحزب المنافس.
وكان ملحوظا أن أحدا من الأنصار لم يكن حاضرا، وغياب أقطاب هذا الحزب أمر لا يدعو إلى الارتياح، ولكن أبا بكر كان مطمئنا إلى عيونه فيهم، وكان مطمئنا إلى أن المنافسة بينهم تؤخرهم عن البت ريثما يحضر، كل شئ كان عنده