الأحوال، فقد ابتسم علي في استقبال هذا النبأ ابتسامة هادئة وادعة صافية تشف عن أسمى نفس وأكرم صدر، وأقبل من نفسه يتسأل الحكم في علياء حياده، لا يعنيه من الأمر إلا الحق فيقول:
وماذا قالت الأنصار؟
فقيل له: قالت منا أمير ومنكم أمير.
قال: فهلا احتجوا عليهم بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وصى بأن يحسن إلى محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم، فقيل له: وما في هذا من الحجة عليهم؟.
قال: لو كانت الإمامة فيهم لم تكن الوصية بهم. ثم قال:
وماذا قالت قريش:
فقيل له: احتجت بأنها شجرة رسول الله.
فقال مجاريا هذا المنطق -: احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة؟
بكلمات قصار محملة بالعلم والعقل والخلق العظيم أعلن الحق بهذه المشكلة، وعاد إلى قرآنه يتابع قراءته من حيث انتهى قبل هذا الفاصل، وآله وأتباعه - وبينهم عمار - من حوله يتميزون غيظا، ويحمحمون ويغمغمون، يعضون الأنامل ويضغطون على الأضراس، ثم يتحولون إليه يحملقون بوجهه، ويحدقون به أشد تحديق وأطوله، عسى أن يروا بوجهه ما يأذن لهم بالحركة، ولكنهم لا يرون من هذا شيئا، فهو ماض في