والله لئن شئتم لنعيدنها جذعة، والله لا يرد علي أحد ما أقول إلا حطمت أنفه بالسيف).
وتكلم عمر، ثم تكلم أبو عبيدة فبادلا القوم الحجج المتشابهة والقول المعاد، ويطلب الأنصار ثنائية الحكم: منهم أمير ومن قريش أمير، وقد بدا لهم أن هذا النوع من الحكم أقرب في ذاته إلى تحقيق العدالة، واشترطوه بالأساس ليكون ضمانة للأنصار من قريش التي سفكوا دماءها في سبيل الإسلام، فهم مشفقون من سلطانهم أن يرتد ثأريا (1) يسفك دماءهم، ويقتر أرزاقهم، ويضيق عليهم، إلا أن عمر احتج لرفض هذا الاقتراح بأن سيفين لا يجتمعان في غمد واحد، ومضوا في جدل يلين ويقسو ولا يدور إلا في حلقة مفرغة.
وخشي أبو بكر أن يمتد الوقت ويمتد الجدل، ويفضي إلى ما يفضي إليه كل جدل بيزنطي، فيعود إلى الكلام، ويعود إلى الثناء على الأنصار ويعود إلى سلطان محمد وإرثه، فيذكر الأنصار بأنهما لقريش دونهم، ويخوفهم أن يفسدوا ثواب خدمتهم لله بالارتداد عليه إذا هم أضاعوا محمدا بإضاعة إرثه واغتصاب سلطانه، ثم لا ينتظر جوابا بل يقول بحزم وحسم:
(وقد اخترت لكم أحد هذين - ويشير إلى عمر وأبي عبيدة - فبايعوا أيهما شئتم). وبهذا سيطر على الموقف وأنهى مشكلة