إلى الإحساس بالخطيئة تصدع صفوفه بمنافسة الأرحام، وحسد المواطنين ولؤم المزاحمين، فهو من هنا وهنا مضعضع مهزوم.
في هذا الجو الملائم أتم الملاءمة أطل أبو بكر وصاحباه، بخطة من الحزم الحسم وسرعة البت، كانوا ينتظرون أن يتقدم حزب ما لتذليل المحاولة بالجرأة على الوثوب، وها قد تقدم حزب الأنصار، وعاد الامهال والأناة مضرين مضيعين للفرصة، فلا بد من الحزم والحسم وسرعة البت.
وحاول عمر أن يتكلم، ولكن أبا بكر أشار إليه إشارة صارمة خنقت الكلام في صدره، وتكلم أبو بكر فلم ينكر على الأنصار شيئا من فضل النصرة والإيواء، ولكنه أنكر أن يكون لهم حق الإمارة التي هي من حق قريش: أهل النبي والسابقين إلى نصره، ثم وعدهم أن يكونوا الوزراء وأهل الرأي النافذ، ولم يكن بخيلا بالرفق، ولا ضنينا بالملاينة، ولكنه لم يعطهم إلا رفق الأمير وملاينة القوي، ولم يتكلم سعد فتكلم باسمه المنذر بن الحباب، وكان شديد اللهجة، يوجه القول إلى الأنصار فيأمرهم بالإعراض عن أبي بكر وصاحبيه، ذاكرا لهم فضل نصرتهم للنبي وإيوائهم للمهاجرين، ملما بمظاهر قوتهم من ثروة وعدد وعدة وأصالة في هذا الموطن، ثم متجاوزا هذا كله إلى تهديد صريح فقائلا: (لا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه أنتم والله أولى بهذا الأمر منهم فإنه دان للإسلام من لم يكن يدين له بأسيافنا، إنا جذيلها المحكك، وجذيلها الموجب، أما