الجدل، ومن الواضح أن إرشاده إلى مبايعة أحد هذين لم يكن سوى أمر لهما معا بالتقدم إلى بيعته لينتهي من شوطه إلى غايته، ويسبق عمر فيبايع، ويليه بشير بن سعد الخزرجي، فيتبعه أسيد بن حضير الأوسي، وكانا من رفاق أبي بكر في جيش أسامة وحساد سعد بن عبادة، وتنهار ببيعتهما جبهة الأنصار، فلا يثبت منها ابن الحباب الذي اخترط سيفه وهجم، ولكن الناس تكاثروا عليه وانتزعوه منه، فيقف يذود المبايعين بثوبه يضرب به وجوههم ويسبهم، أما سعد فقال لأبي بكر:
(والله لو أن لي ما أقدر به على النهوض لسمعتم مني في أقطارها زئيرا يخرجك أنت وأصحابك حتى يلحقك بدار كنت فيها تابعا غير متبوع، خاملا غير عزيز) ثم حمل وترك الأنصار يبايعون، والمنذر يذودهم بثوبه ولسانه فلا يقدر منهم على شئ بعد طغيان التيار.
وعلت في المسجد ضجة زفة، فالتفت علي من حزنه المقدس إلى جنب الجثمان العظيم يسأل: هل عاد النبي ونحن لا نعلم؟! أم الناس في عرس من هذا المأتم؟. فقيل له: نشبت معركة بين الأنصار وبين بعض المهاجرين في السقيفة، دارت رحاها على الخلافة فربحها أبو بكر، وها هو محمول على أجنحة الغوغاء يخبطون به كل عابر، ويمسحون يده على أيدي الناس ببيعة طوقوا بها الأعناق، وأرعبوا في سبيلها كل آمن.
وإذا كان في الابتسام ما يجانس الحزن في أصعب