حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ١٢١
فتنة ومصدر قلق قد لا يسلم من شره الدين، وكان بالإضافة إلى هذا كله موصى: أوصاه النبي بالصبر والتضحية ورعاية مصلحة الإسلام العليا، من أجل هذا صبر علي واستأنى وانتظر الحوادث، فلم يسرع إلى الناس يدعوهم إلى البيعة، مخلدا إلى حزنه على النبي، وترفعه عن طلب حقه الثابت، وإخلاصه للدين، ويقينه أن الناس لا ينحونه عن حقه وإن همت بتنحيته الأحزاب، نعم حاول العباس أن يسرع فيبايع عليا ويبايعه أهل بيته، فيبت بالأمر ويحسمه وتكون بأيديهم المبادرة، ولكن عليا أبى قائلا لعمه: (ومن يطلب هذا الأمر غيرنا).
باب النبي مغلق على جنازته وآله معها. والجماهير دون الباب غفيرة يهولها الحدث، ويسيطر عليها الجزع، ترى إلى نبض الحق وقد سكن فما تدري من هول الصدمة وفداحة الخسارة ما تصنع، وعمر بينها هائج يصرخ، يمثل، إنه يخشى أن يقضى الأمر وتخف الجماهير إلى بيعة علي، وأبو بكر غائب في السنح عند إحدى زوجاته ولما يحضر، فما يدري عمر هو الآخر ما يصنع، وكان أحكم ما بدا له أن يهيج ويصرخ ويمثل ليصرف الناس - وهم ذاهلون - عن الاسراع إلى بيعة علي، ويؤخرهم حتى يحضر أبو بكر فيتدارسان الخطة، وإنها لتبدو لعمر كما يبدو لأبي بكر بعيدة المنال، صعبة المرتقى، ولكنه فليحاول. واستوى له هذا الرأي فمضى هائجا يصرخ في الناس، والناس ذاهلون تسيطر عليهم روح
(١٢١)
مفاتيح البحث: الصبر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست