إذا فلا بد من إيجاد رجال كاملين في أنفسهم، مكملين لغيرهم، يكونون كحلقة الاتصال بين الخالق والمخلوق، وهمزة الوصل بين العبد والرب - فإن السعادة منه وإليه - وأولئك هم السفراء والأنبياء الذين بهم تتم الحجة، وتستبين المحجة، وحينئذ تكون سعادة كل انسان وشقاؤه باختياره، قال تعالى: [وهديناه النجدين] (1) وقال: [إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا] (2) وتكون حينئذ لله على الناس الحجة البالغة.
نعم، وكل هذا موقوف على إثبات الصانع الحكيم، المنزه عن العبث والظلم، فضلا عن الجهل والعجز.
وهناك أدلى الشيخ بالحجة، وأملى أصول البرهنة على وجود الإله تعالى الحق بعدة قواعد لا يساعدنا ضيق المجال لسردها وعدها تفصيلا، ولكن نكتفي بالإشارة إليها على وجه الاجمال:
1 - قاعدة: أن ما بالعرض لا بد وأن ينتهي إلى ما بالذات.
2 - أن معطي الشئ لا يكون فاقده.
3 - أن الصدفة في النواميس الدائمة الكلية والأشياء المتكررة مستحيلة.
4 - إمكان الأشرف.
5 - قاعدة اللطف.
وأمثال ذلك من أمهات قواعد الحكمة وأصول الفلسفة الحقة.
ثم ارتأى في هذا المقام أن يختم البحث لضيق الوقت، وهكذا كان.
وعند ما نزل الشيخ من المنبر دارت بينه وبين أحمد أمين الأحاديث