فاعلنوا الإضراب العام في العديد من مدن العراق الكبرى كبغداد والحلة والديوانية والناصرية، وكان أشده في مدينة النجف الأشرف، لما لها من قدسية متميزة في قلوب الشيعة، فتعطلت الأسواق، وساد الهيجان فيها، لا سيما وقد تسرب إليها العديد من القبائل الهائجة المحيطة بها.
بيد أن الأمور لم تجري على منوالها الطبيعي، حيث انظم في صفوف الملتاعين من سماجة وصفاقة هذا الكتيب التافه العديد من ذوي المآرب الفاسدة والمنحرفة، من الذين امتطوا موجة الأحداث لإشاعة الفوضى والاضطراب، والتعدي على حرمات الناس وممتلكاتهم.
فضج العقلاء من رجال الشيعة وعلمائهم بالصبغة الغريبة التي كانت تؤججها وتروج لها أيادي أجنبية ماكرة، يقابلها ضعف السلطة عن مواجهة هذه الظاهرة المحتدمة والمتفجرة، وكان آنذاك السيد جعفر حمندي حاكما إداريا في النجف، فحاول جاهدا الحد من تفاقم هذا الأمر دون جدوي، فاضطر به الحال أن يتصل بالعديد من كبار العلماء وفضلاء الحوزة وأعيان النجف الذين توجهوا نحو المرقد الطاهر للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في محاولة يائسة منهم لإنهاء هذا الاضطراب، وهذه الفوضى المستحدثة، إلا أنهم أخفقوا في تدارك هذه الأحداث الوخيمة، والحد من توسعها، ولم يجدوا من عموم الجماهير المضطربة آذانا صاغية، ونفوسا مستجيبة، فلم يجد الجميع بدا من التوجه إلى الشيخ كاشف الغطاء رحمه الله تعالى، لما يدركونه من عظيم منزلته في قلوب الناس، بل وما يمتلكه من قدرة عجيبة في التحكم بمشاعرهم وأحاسيسهم، وتلك والله نعمة كبيرة، وفضل من الله جسيم يمن به على من يشاء من عباده المتقين.
وهكذا، فلم يكد يحطه زواره من رجال الحكومة، وفضلاء الحوزة، وأعيان المدينة بتفاصيل الأمر - رغم تحذيرهم له من خطورة الموقف، وشدة