ومشقة الاستقصاء، ومحدودية المدى المتاح تاركا عبء ترجمة هذا الطموح للدراسات الخاصة بهذا الأمر، لأني وجدت عند البحث قصور التراجم المحدودة للشيخ كاشف الغطاء عن احتواء الكثير من الأبعاد الخاصة به - مع إقراري بجدة البحوث، وصدق النوايا، ومبلغ الجهود المبذولة - رغم كون الفاصلة الزمنية بيننا وبين عصر المترجم رحمه الله تعالى لا تمثل بونا شاسعا تتثاقل الخطا عن تجاوزه، وتتوه النفوس عن تلمسه، بل هو أيسر الآن من أن يترك فتتقادم عليه السنون، وتسدل عليه ستائر النسيان، فتضطرب في التحدث عنه الروايات كما يتلمسه الباحثون عن سيرة الكثير من رجال هذه الأمة وعظمائها.
ومن ثم فسأحاول من خلال هذه الصفحات الإشارة العابرة، واللمحة الخاطفة عن بعض مواقف الشيخ رحمه الله تعالى، بإيجاز واختصار:
1 - الجهاد ضد الاستعمار البريطاني:
حين امتدت ذراع الأخطبوط البريطاني المستعمر نحو الأراضي العراقية - في سعيه المحموم لابتلاع وازدراد خيرات تلك المنطقة، بدعوى منازلة الدولة العثمانية التي قادتها تخبطاتها الرعناء نحو جملة خطرة من المزالق والمهالك المتكررة - كانت مخيلة الساسة البريطانيين قد صورت لهم حتمية اصطفاف الشيعة يتقدمهم علماؤهم إلى جانب تلك القوات الغازية، لإدراكهم (أي البريطانيون) عظم المحنة التي ابتلي بها الشيعة من رجال تلك الدولة وقادتها الذين أنشبوا أظفارهم بحمق في جسد هذه الطائفة المستضعفة دون رحمة أو شفقة، وبإصرار عجيب، وتعنت غريب، كان أعظمه في إفتاء شيخهم آنذاك بحلية دم الشيعي (1)!