دارجة، فألفت رسالة " أصل الشيعة وأصولها " وجريت فيها على عفو الخاطر، وجري القلم. أمليتها إملاءا، من غير تجديد مراجعة، أو تزويد مطالعة، إذ لم يكن الغرض فيها الجدل والاحتجاج، وإقامة الأدلة والبراهين، بل مجرد ذكر رؤوس المسائل، ومتن أصول المذهب وفروعه، ليعرف الناس مكانته في الاسلام، وشدة علاقته بالدين، وقواعده الأساسية.
وما كنا نحسب أن تحظى تلك الرسالة بهذا الرواج، ويحصل لها هذا الاقبال الواسع، حيث ترجمت إلى عدة لغات، وطبعت أربع بل خمس مرات، ولكن.. ومن الأسف المضني أن الحال لا يزال على ذلك المنوال، ولم يخفف انتشار الكتاب شيئا من غلواء القوم، ولم يكسر من شدة سورتهم، ولم تبرح أقلام الأساتذة المصريين في كل مناسبة تطعن بالشيعة، وتنسب إليهم الأضاليل والأباطيل التي كانت تنسب إليهم في العصور المظلمة والقرون الوسطى، عصر ابن خلدون، وابن حجر، وأضرابهما، مع أن الكتاب " أصل الشيعة " قد طبع في القاهرة " الطبعة الثالثة " ووزعت كل نسخه هناك..
أفما كان من الجدير أو الواجب أن يغير اللهجة، ويخفف الوطأة؟!
كلا، بل الشيعة لا تزال هي تلك الطائفة أهل البدع والأهواء، والسحنة السوداء! وقد سرى بغضهم والطعن فيهم إلى الخلفاء الفاطميين..
لماذا؟ لأنهم شيعة، ولأنهم روافض فهم أدعياء في النسب، قرامطة في المذهب، ينتهي نسبهم إلى يهودي في قول بعض، وعقائدهم إلى ملحد!
هذا مع ما للفاطميين من الخدمات الكبرى للاسلام عموما ولمصر خصوصا، فقد نشروا العلم والثقافة في مصر، ورفعوا منار المعارف، وشيدوا الجوامع والمساجد، وأنشأوا الأساطيل والمدافع لدفاع المهاجمين عن بلاد الاسلام.. ألا يستفزك العجب من حملات المصريين على الفاطميين