باب المجادلات المذهبية وإغلاقها تماما، فإن أراد أحد التنويه عن مذهبه فعلى شرط أن لا يمس مذهب غيره بسوء ولا غميزة.
والشرط الثاني - بل هو الأول في الأهمية: أن يعقد المسلم قلبه على الإخاء الصحيح لأخيه المسلم، وأن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويبرأ من كل حقد وحسد عليه، جدا وحقيقة، لا لقلقة في القول، ومخادعة في اللسان، ومنافسة على المصالح الفردية والمنافع الذاتية، كما هو الحال السائدة اليوم عند الجميع.
إنما الوحدة الحقة، والإخاء الصحيح الذي جاء به الاسلام، بل جاء بالاسلام، وتمشت عليه وضيعة الأمم الراقية، وبلغت أوج العز والقوة: أن يرى كل فرد من الأمة أن المصلحة النوعية هي عين المصلحة الفردية، بل هي فوقها، وهذه الصفة خفيفة في اللسان، ثقيلة في الميزان، بعيدة في الامكان، يكاد أن يكون تحققها عندنا معشر المسلمين من المستحيلات، لا سيما من كل طائفة بالنظر إلى الأخرى التي تنظر كل منهما إلى الأخرى نظر العدو الألد، والمخاصم المزاحم، وإذا جامله في القول، أو أظهر له الولاء، فلن يجامله إلا ليخاذله، ولن يصانعه إلا ليخادعه، أما ملقا أو تزلفا لغاية واهنة، أو توسلا إلى أن يبتز ماله، أو يسلبه حقه، أو تكون له السلطة عليه والاستعباد له، وكلهم جارون على غلوائهم في هذه السخائم التي صارت لهم ضربة لازم، لا تصدهم عنها صرخة ناصح، ولا صيحة زاجر، ولا عظة بليغ.
ينسى الكل أو يتناسى عدوهم الصميم الذي هو لهم بالمرصاد، والذي يريد سحق الكل، ومحو الجميع، ويبث بذور الشقاق بينهم ليضرب بعضهم ببعض، وينصب أشراك المكر لصيد الجميع، ولا يسلم المسلمون من هذه الاشراك المبثوثة لهم في كل سبيل حتى يتحدوا عملا لا قولا، وجدا