المبارك اللقب، الأغر الطلعة، الذي تخرج منه المئات من كبار العلماء والساسة، أمثال: الشيخ محمد عبده، وسعد زغلول، ونظائر هما ممن كبرت وكثرت خدماتهم لمصر وللاسلام. وإن بقاء هذه المؤسسة الدينية أكثر من ألف سنة، وما نالته وتناله كل سنة من الحظ والتوفيق للاتساع والرقي، لأقوى شاهد على إخلاص بانيه، وروحانية مؤسسية، وأنه ممدود بالعناية، ومحفوف بالألطاف الآلهية. ولكن الأسف المؤلم أن الفاطميين مع ذلك كله عند المصريين أدعياء في النسب، قرامطة المذهب، ملاحدة في الدين، لأنهم روافض، ولأنهم شيعة، ومن الشيعة أخذوا عقيدة الوصية لعلي بن أبي طالب عليه السلام، وقد أنكرها هو ولم يرضها في حياته كما لم يرض غيرها من الألقاب التي وضعها الشيعة له..!
والشيعة هم الذين يقفون بعد صلاة المغرب كل ليلة على باب السرداب في سامراء ويهتفون بإمامهم المنتظر: أخرج أخرج..! إلى آخر ما ذكره الأستاذ الفاضل في كتاب: " الحركة الفكرية " الذي طبع قريبا (1).
والمدهش الغريب أن سامراء بلدة سنية، وجامع الغيبة الذي فيه السرداب ولا يزال في تصرف السنيين، يقيمون تحت قبته جمعتهم وجماعتهم في الأوقات الخمسة، ولا نصيب منه للشيعة، إلا الاستطراق والدخول فيه للزيارة والصلاة والدعاء، لأن ثلاثة من أئمتهم كانوا يتهجدون فيه بالأسحار، ويتفرغون فيه لعبادة الحق آناء الليل وأطراف النهار. كان عيشهم عليهم السلام للزهادة، وليلهم للتهجد والعبادة، ونهارهم للتعليم والإفادة. نعم، كانوا يحيون الليل بالتهجد والعبادة في تلك البلدة، وفي عين الوقت الذي كان فيه المتوكل، خليفة المسلمين، وأمير المؤمنين يحيي