أخلاقهم وملكاتهم، ويكبحوا جماح أهوائهم ونفوسهم، بأرسان (1) العقل والروية، والحنكة والحكمة، فيجد كل مسلم أن مصلحة أخيه المسلم هي مصلحة نفسه، فيسعى لها كما يسعى لمصالح ذاته، ذلك حيث ينزع الغل من صدره، والحقد من قلبه، وينظر كل من المسلمين إلى الآخر مهما كان نظر الإخاء لا نظر العداء، وبعين الرضا لا بعين السخط، وبلحاظ الرحمة لا الغضب والنقمة.
ذاك حيث يحس بوجدانه، ويجد بضرورة حسه، أن عزه بعز إخوانه، وقوته بقوة أعوانه، وأن كل واحد منهم عون للآخر. فهل يتقاعس عن تقوية عونه، وتعزيز عزه وصونه.؟
كلا، ثم إذا كان التخلق بهذا الخلق الشريف عسيرا لا ينال، وشأوا متعاليا لا يدرك، ولا يستطيع المسلم أن يواسي أخاه المسلم، وأن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه، وأن يجد أن صلاحه بصلاح أمته، وعزه بعزة قومه، فلا أقل من التناصف والتعادل، والمشاطرة والتوازن، فلا يجحد المسلم لأخيه حقا، ولا يبخسه كيلا، ولا يطفف له وزنا.. والأصل والملاك في كل ذلك: اقتلاع رذيلة الحرص، والجشع، والغلبة، والاستئثار، والحسد، والتنافس. فإن هذه الرذائل سلسلة شقاء، وحلقات بلاء، يتصل بعضها ببعض، ويجر بعضها إلى بعض، حتى تنتهي إلى هلاك الأمة التي تتغلغل فيها، ثم تهوي بها إلى أحط مهاوي الشقاء والتعاسة.
والبذرة الأولى لكل من تلك الثمار الموبوءة هو: حب الأثرة. وقد قيل: الاستئثار يوجب الحسد، والحسد يوجب البغضاء، والبغضاء توجب