قال: فقام أبو عامر الأشعري في الأشعريين، وأبو عزة الخولاني في الخولانيين، وضبيان وعثمان بن قيس وعربة الدوسي في الدوسيين، ولاحق بن علاقة فتخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه وأخذوا بيد الأصلع البطين وقالوا: إلى هذا أهوت أفئدتنا يا رسول الله، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أنتم نخبة الله حين عرفتم وصي رسول الله قبل أن تعرفوه فبم عرفتم أنه هو؟ فرفعوا أصواتهم يبكون وقالوا: يا رسول الله نظرنا إلى القوم فلم تنجس لهم ولما رأيناه وجفت قلوبنا ثم اطمأنت نفوسنا، فانجاست أكبادنا وهملت أعيننا وتبلجت صدورنا حتى كأنه لنا أب ونحن عنده بنون فقال النبي (صلى الله عليه وآله) * (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) * أنتم منه بالمنزلة التي سبقت لكم بها الحسن وأنتم عن النار مبعدون قال: فبقي هؤلاء القوم المسمون حتى شهدوا مع أمير المؤمنين الجمل وصفين وقتلوا بصفين رحمهم الله وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يبشرهم بالجنة وأخبرهم أنهم يستشهدون مع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه (1).
الثاني: صاحب كتاب " الصراط المستقيم " أظن طريقه من طريق العامة قال: حدث الحسين بن كثير عن أبيه قال: دخل محمد بن أبي بكر على أبيه وهو يتلوى فقال: ما حالك؟ قال: مظلمة ابن أبي طالب فلو استحللته، فقال لعلي في ذلك، فقال: قل له أيت المنبر وأخبر الناس بظلامتي، فبلغه فقال: فما أراد أن يصلي على أبيك اثنان.
فقال محمد: كنت عند أبي أنا وعمر وعائشة وأخي فدعا بالويل ثلاثا وقال: هذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يبشرني بالنار وبيده الصحيفة التي تعاقدنا عليها، فخرجوا دوني وقالوا يهجر فقلت: تهذي، قال: لا والله لعن الله ابن صهاك فهو الذي صدني عن الذكر بعد إذ جاءني فما زال يدعو بالثبور حتى غمضته ثم أوصاني لا أتكلم حذرا من الشماتة.
وقال صاحب كتاب " الصراط المستقيم " عقيب ذلك: فأين هذا من قول علي (عليه السلام): إني إلى لقاء ربي لمشتاق ولحسن ثوابه لمنتظر (2).