الباب الخامس عشر والمائة قوله تعالى * (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا) * (1).
من طريق العامة وفيه حديثان الأول: أبو بكر الشيرازي في نزول القرآن في شأن علي (عليه السلام) بالإسناد عن مقاتل عن محمد بن الحنفية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله * (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض) * قال: عرض الله أمانتي على السماوات السبع بالثواب والعقاب فقلن: ربنا لا نحملنها بالثواب والعقاب لكن نحملها بلا ثواب ولا عقاب، وإن الله عرض أمانتي وولايتي على الطير، فأول من آمن بها البزاة البيض والقنابر، وأول من جحدها من الطير البوم والعنقاء فلعنهما الله من بين الطيور، فأما البوم فلا تقدر أن تطير (2) بالنهار لبغض الطير لها، وأما العنقاء فغابت في البحار لا ترى.
وإن الله عرض أمانتي على الأرض فكل بقعة آمنت بولايتي وأمانتي جعلها الله طيبة مباركة زكية وجعل نباتها وثمرها حلوا عذبا، وجعل ماءها زلالا، وكل بقعة جحدت أمانتي وأنكرت ولايتي جعلها سبخة، وجعل نباتها مرا علقما، وجعل ثمارها العوسج والحنظل وجعل ماءها ملحا أجاجا.
ثم قال: وحملها الإنسان يعني أمتك يا محمد، ولاية أمير المؤمنين وإمامته بما فيها من الثواب والعقاب، إنه كان ظلوما لنفسه جهولا لأمر ربه، من لم يؤدها بحقها فهو ظلوم غشوم (3)، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق أو ولد حرام. (4) الثاني: موفق بن أحمد قال: ذكر الإمام محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، حدثنا سهل بن أحمد عن أبي جعفر محمد بن جرير الطبري عن هناد بن السري عن محمد بن هشام عن سعيد بن أبي سعيد عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى لما خلق السماوات والأرض دعاهن فأجبنه، فعرض عليهن نبوتي وولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقبلتاهما ثم خلق الخلق وفوض إلينا أمر الدين، فالسعيد من سعد بنا والشقي من شقي بنا، نحن المحلون لحلاله والمحرمون لحرامه. (5)