عليا (عليه السلام) أخا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوالا وله في كل الأحوال مداحا ولشانئيه وأعدائه شانئا ولأوليائه وأحبائه مواليا، وسوف يجعله الله عز وجل في الجنان من أفضل سكانها ويخدمه ما لا يعرف عدده إلا الله من وصائفها وغلمانها وولدانها ثم يقول لعمار بن ياسر: أهلا وسهلا يا عمار نلت بموالاة أخي رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع أنك وأدع رأفة لا تزيد على المكتوبات والمسنونات في سائر العبادات ما لا يناله الكاد بدنه ليله ونهاره يعني الليل قياما والنهار صياما والباذل أمواله وإن كانت جميع أموال الدنيا له مرحبا بك فقد رضيك رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي أخيه مصافيا وعنه مناويا حتى أخبر أنك ستقتل في محبته وتحشر يوم القيامة في خيار زمرته، وفقني الله تعالى لمثل عملك وعمل أصحابك حتى تكن ممن توفر على خدمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخي محمد علي ولي الله ومعاداة أعدائهما بالعداوة ومصافاة أوليائهما بالموالاة والمشايعة سوف يسعدنا الله يومنا إذا التقينا بكم فيقول سلمان وأصحابه: ظاهرهم كما أمر الله تعالى ويجوزون عنهم، فيقول الأول لأصحابه: كيف رأيتم سخري بهؤلاء وكبت عاديتهم عني وعنكم، فيقولون له: لا تزال بخير ما عشت لنا، فيقول لهم: فهكذا فلتكن معاملتكم لهم إلى أن تنتهزوا الفرصة فيهم مثل هذا فإن اللبيب العاقل من تجرع على الغصة حتى ينال الفرصة، ثم يعودون إلى أخدانهم من المنافقين المتمردين المشاركين لهم في تكذيب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيما أداه إليهم عن الله عز وجل من ذكر تفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام) ونصبه إماما على كافة المكلفين قالوا لهم:
إنا معكم إنما نحن على ما واطأناكم من دفع علي عن هذا الأمر إن كانت لمحمد (صلى الله عليه وآله) كائنة فلا يغرنكم ولا يهولنكم ما تسمعونه منا من تقريظهم وترونا نجترئ عليه من مداراتهم فإنما نحن مستهزؤون بهم، فقال الله عز وجل: يا محمد الله يستهزئ بهم ويجازيهم جزاء استهزائهم في الدنيا والآخرة ويمدهم في طغيانهم يعمهون يمهلهم ويتأنى بهم برفق ويدعوهم إلى التوبة ويعدهم إذا تابوا المغفرة، يعمهون لا ينزعون عن قبيح ولا يتركون أذى لمحمد وعلي يمكنهم إيصاله إليهما إلا بلغوه.
قال العالم (عليه السلام): فأما استهزاء الله بهم في الدنيا، فهو أنه مع إجرائه إياهم على ظاهر أحكام المسلمين لإظهارهم ما يظهرونه من السمع والطاعة والموافقة لأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالتعريض لهم حتى لا يخفى على المخلصين من المراد بذلك التعريض ويأمره بلعنهم، وأما استهزاؤه بهم في الآخرة، فهو أنه عز وجل إذا أقرهم في دار اللعنة والهوان (1). وقد تقدم تتمة ذلك في الحديث الخامس من الباب السادس والسبعين ومائة عن الإمام العسكري (عليه السلام) وهو قريب يؤخذ من هناك.