ثم يخرجان فيوقفان بين يديه فيقولان: يا أمير المؤمنين يا وصي رسول الله ألا ترحمنا ألا تشفع لنا عند ربك، قال: فيضحك منهما ثم يقوم فيدخل وترفع الأريكتان ويعادان إلى موضعهما، فذلك قوله عز وجل: * (فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون) * (1).
الخامس: أبو محمد الحسن بن علي العسكري في تفسيره في قوله تعالى: * (الله يستهزئ بهم) * قال (عليه السلام): وأما استهزاؤه بهم الآخرة، فهو أن الله عز وجل إذا أقرهم في دار اللعنة والهوان وعذبهم بتلك الألوان العجيبة من العذاب، وأقر بهؤلاء المؤمنين في الجنان بحضرة محمد صفي الملك الديان، أطلعهم على هؤلاء المستهزئين الذين كانوا يستهزئون بهم في الدنيا حتى يروا ما فيه من عجائب اللعائن وبدائع النقمات فتكون لذتهم وسرورهم بشماتتهم بهم كما لذتهم وسرورهم بنعيمهم في جنات ربهم، فالمؤمنون يعرفون أولئك الكافرين المنافقين بأسمائهم وصفاتهم، وهم على أصناف: منهم من هو بين أنياب أفاعيها تمضغه وتفترسه، ومنهم من هو تحت سياط زبانيتها وأعمدتها ومرزباتها تقع من أيديها عليه يشدد في عذابه ويعظم خزيه ونكاله، ومنهم من هو في بحار جحيمها يغرق ويسحب فيها، ومنهم من هو في غسلينها وغساقها تزجره فيها زبانيتها، ومنهم من هو في سائر أصناف عذابها، والكافرون والمنافقون ينظرون فيرون هؤلاء المؤمنين الذين كانوا بهم في الدنيا يسخرون لما كانوا من موالاة محمد وعلي وآلهما صلوات الله عليهم يعتقدون فيرونهم منهم من هو على فرشها يتقلب، ومنهم من هو على فواكهها يرتع، ومنهم من هو في غرفها أو في بساتينها ومتنزهاتها يتبجح والحور العين والوصفاء والولدان والجواري والغلمان قائمون بحضرتهم وطائفون بالخدمة حواليهم وملائكة الله عز وجل يأتونهم عند ربهم بالجنان والكرامات وعجائب التحف والهدايا والمبرات يقولون: * (سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) *.
فيقول هؤلاء المؤمنون المشرفون على هؤلاء الكافرين المنافقين: يا فلان ويا فلان ويا فلان حتى تناديهم بأسمائهم: ما بالكم في مواقف خزيكم ماكثون، هلموا إلينا نفتح لكم أبواب الجنان لتتخلصوا من عذابكم وتلحقوا بنا في نعيمها، فيقولون: يا ويلنا أنى لنا هذا، فيقول المؤمنون:
انظروا لهذه الأبواب، فينظرون إلى أبواب من الجنان مفتحة تخيل إليهم إنها إلى جهنم التي فيها يعذبون ويقدرون أنهم يتمكنون أن يتخلصوا إليها فيأخذون في السباحة في بحار حميمها وعدوا من بين أيدي زبانيتها، وهم يلحقونهم يضربونهم بأعمدتهم ومرزباتهم وسياطهم، فلا يزالون كذلك