مع ذكرها ويطرب وينعر ويصعق فلا تشك في أنه لا يعرف ما الله ولا يدري ما محبة الله؟! وما تصفيقه ونعرته وصعقته إلا لأنه تصور في نفسه الخبيثة صورة مستملحة معشقة فسماها الله بجهله ودعاها ربه ثم صفق وطرب ونعر وصعق على تصورها وربما رأيت المنى قد ملأ إزاره عند صعقته وحمقى العامة حوله قد ملأوا أردائهم بالدموع لما رققهم من حاله (انتهى) وقد ذكر في مواضع أخر منه نحو هذا الكلام.
واعلم أيضا أن علماء الإمامية الآن قد وافقوا المتقدمين منهم في الرد على الصوفية والإنكار عليهم وألفوا كتبا ورسائل في ذلك بالعربية والفارسية فمما قاله بعض المحققين منهم أن قال: إعلم أن سيرة الصوفية إنما سرت إلى الشيعة في هذا الزمان و ما قاربه وكان في أول الأمر من يفرق بين الغث والسمين فكان من يميل إلى طرف من مقالهم يختار من اللباب أما لأنه مأخوذ من كلام الأنبياء والأوصياء فإنهم كانوا ينقلون مثل ذلك في كتبهم ليحسن الظن بهم ثم يأولونه تدريجا بما يوافق مطالبهم فيستدرجون بذلك من لم يتأمل ومن تأمل أمسك عنان فكره عن التروي في مثله وقد كان من يختار شيئا من ذلك يجعله وسيلة إلى تزكية النفس ومع ذلك فالمطلب الأقصى عنده سلوك سبيل الشرع كما يظهر من حال الشيخ زين الدين والشيخ بهاء الدين وغيرهما فلا يزيغ ولا يميل إلى طريق النواصب ثم تلاشى الأمر ووصل إلى ارتكاب ما سلكوه والاعتماد على ما قالوه وأولوه من غير تمييز وفرق إلى أن وصل الأمر إلى التنفير من الشرع وأهله ودخل تحت اسم التصوف من تسمى به فاقتصر المدعى عليه واكتفى المريد به، ولو بقي الاسم الذي لا يقبل الغش وورد به الشرع من مثل الصالح والتقي والزاهد والورع ونحو ذلك لم يتطرق هذا الغش ولا ترتبت هذه المفاسد على لفظ التصوف ومعناه حتى صاروا يقضون العمر فيما لا يتعلق بعلوم الدين ولا يميلون إلى من يشم منه رايحة المتشرعين ولا يتصورون النظر إلى كتاب يشتمل على ذلك وقد قيل لبعض رؤسائهم: لم لا تطالع كتب الفقه؟ فقال: أخاف على نفسي الارتداد، وقيل لآخر مثل ذلك، فقال كيف يحصل لي اليقين في الدين بحديث