للشرائع السابقة قال تعالى: * (إن الدين عند الله الإسلام) * (1).
وقال في آية أخرى: * (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه) * (2) فلا ديانة حق إلا ما يدين به محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهذا لا ينافي مشروعية الديانات السابقة في زمانها.
وقد قام (صلى الله عليه وآله وسلم) بتبليغ رسالته على أكمل وجه وأتمه في فترة ثلاث وعشرين سنة - وهي فترة قصيرة نسبيا بالنسبة لنبوة جديدة هدفها التغيير الجذري لنفوس الناس آنذاك - سعى لغرس اللبنات الأولى للمجتمع الإسلامي المثالي الصحيح، ثم محاولة بلورة المفاهيم والأطروحات التي جاءت بها السماء لسعادة البشرية جمعاء إلى حياة عملية ملؤها العطاء والبذل لكل ما فيه صلاح مستقبل الأمة الإسلامية.
ولكن بطبيعة الحال أن كل مجتمع إنساني لا بد وأن يكون فيه من يطيع وينصاع لقوانينه، وهناك من يعصي ويضل ويغوى، فهناك قوى الرحمان وجنوده، وهناك حبائل الشيطان وأبالسته.
ولما كان من السنن الكونية التي كتبها الله على بني الإنسان أن لا يخلد إنسان أكثر من العمر المحدد له إلا فيما كان له مصلحة يراها الله عز وجل في ذلك، فقد قبض الله إليه نبيه باختياره بعد أن أعلم الناس بقرب رحيله، وحينما كانت النبوة تلفظ أنفاسها الأخيرة بدت الحيرة واضحة على الناس، ماذا يصنعون بعد رحيله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ وكأنما نسوا أو تجاهلوا تلك النصوص الكثيرة التي صدرت عن