المفرد للحركات، والحروف وان كانت فروعا للحركات في باب الاعراب لثقلها وخفة الحركات، الا أنها أقوى من حيث تولدها منها، فاستبد بالحركات المفرد الأول، وإنما كانت الحروف أقوى، لان كل حرف منها كحركتين أو أكثر، فكرهوا أن يستبد المثنى والمجموع مع كونهما فرعين للمفرد بالاعراب الأقوى، فاختاروا من جملة المفردات هذه الأسماء، وأعربوها بهذا الأقوى، ليثبت في المفردات الاعراب بالحركات التي هي الأصل في الاعراب، وبالحروف التي هي أقوى منها، مع كونها فروعا لها، وفضولها على المثنى والمجموع باستيفائها للحركات الثلاث، كلا في موضعه، وكل واحد من المثنى والمجموع لم يستوفها، ولا كان كل حرف فيهما في موضعه، وانما اختاروا هذه الأسماء بخلاف نحو " غد " لمشابهتها للمثنى، باستلزام كل واحد منها ذاتا أخرى، كالأخ للأخ، والأب للابن، وخصوا ذلك بحال الإضافة ليظهر ذلك اللازم فتقوى المشابهة، وخصوا هذه الأسماء من بين الأسماء المفردة المشابهة للمثني، لان لام بعضها وعين الاخر حرف علة، يصلح أن يقوم مقام الحركات، فاستراحوا من كلفة اجتلاب حروف أجنبية، مع أن اللام في أربعة منها، كأنها مجلوبة للأعراب فقط، لكونها محذوفة قبل نسيا منسيا، فهي، اذن، كالحركات المجتلبة للأعراب، وكذا الواو في " فوك " لأنها كانت مبدلة منها الميم في الافراد، فلم ترد إلى أصلها الا للأعراب، وأما في نحو " حر " (1) فليس لامه حرف علة، وأما نحو: ابن، واسم، فهمزة الوصل فيه بدل من اللام بدليل معاقبتها إياها في النسب نحو: ابني وبنوي، فكان لامهما ليست حرف علة، والحرف المقصود جعله كالحركات من هذه الأسماء واو، فاختاروها، لتكون الواو التي فيها أصلا، للرفع الذي هو أسبق الاعراب، فمن ثم لم يجعلوا منها نحو:
" يد " و " دم "، إذ لامه ياء،