وفسر المصنف وقوع الفعل، بتعلقه بما لا يعقل إلا به، فعلى تفسيره ينبغي أن تكون المجرورات في: مررت بزيد، وقربت من عمرو، وبعدت من بكر، وسرت من البصرة إلى الكوفة: مفعولا بها، ولا شك أنه يقال إنها مفعول بها لكن بواسطة حرف جر، ومطلق لفظ المفعول به لا يقع على هذه الأشياء في اصطلاحهم، وكلامنا في المطلق (1).
وأيضا، فان معنى اشترك في قولهم: اشترك زيد وعمرو، لا يفهم بعد إسنادك إياه إلى زيد إلا بشئ آخر وهو عمرو، أو غيره، وليس بمفعول في الاصطلاح.
والأقرب في رسم المفعول به أن يقال: هو ما يصح أن يعبر عنه باسم مفعول غير مقيد مصوغ من عامله المثبت أو المجعول مثبتا (2)،.
فبقولنا: اسم مفعول غير مقيد مصوغ من عامله، يخرج عنه جميع المعمولات، أما المفعول المطلق، فلان الضرب في قولك ضربت ضربا، وأحدثت ضربا، وإن كان مفعولا للمتكلم في المثالين، إلا أنه لا يقال في الأول: أن ضربا مضروب، ويقال في الثاني إنه محدث.
وأما سائر المفاعيل فيطلق عليها اسم المفعول المصوغ من عامله لكن مقيدا بحرف الجر، كما يقال في سرت اليوم فرسخا وجئت وزيد إكراما لك ان اليوم مسير فيه وكذا فرسخا، وزيدا مفعول معه، واكراما مفعول له، وكذا في قولك: مررت بزيد، وقمت إلى زيد، زيد ممرور به ومقوم إليه، وزيدا في: قربت زيدا، وجئت زيدا، وبعث زيدا مالا، وكلت زيدا طعاما، وبغيت زيدا شرا، وأمثالها ملحق بالمفعول به بحذف حرف الجر، لأنه مقروب منه ومجئ إليه ومبيع منه ومكيل له ومبغي له.
وأفعال القلوب في الحقيقة لا تتعدى إلا إلى مفعول واحد وهو مضمون الجزء الثاني مضافا إلى الأول، فالمعلوم في: علمت زيدا قائما: قيام زيد، لكن نصبهما معا لتعلقه