وقوله: كأنه راعي غنم، يريد في الجفاء والبذاذة. والعر ب تضرب به المثل براعي الغنم في الجفاء، وكذلك راعي الإبل تضرب به المثل، قال أبو النجم يصف راعيا: [من الرجز] صلب العصا جاف عن التغزل يريد أنه يجفو عن المغازية والمزاح وأشباه هذا. والعرب أيضا تضرب المثل [10 / ب] براعي الغنم في الجهل، ويقولون: " اجهل من راعي ضأن " وقال حميد بن ثور يصف بعيرا: " من الطويل ".
محلى بأطواق عتاق يبينها * على الضر راعي الضان لا يتقوف * يريد انه إذا تبينها راعي الضأن على جهله، فغيره لها أشد نبينا، ولهذا قال الأخطل لجرير: " من الكامل " فانعق بضأنك يا جرير فإنما * منتك نفسك في الخلاء ضلالا ولم يكن جرير براعي ضأن، وإنما أراد أن بني كليب يعيرون برعي الضأن وجرير منهم، فهو من جفاتهم، ومن ذهب في قول الله جل وعز: " ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع ". إلى أنه شبههم براعي الضأن في الجهل، كان على مذهب العرب وجها، غير أنه لم يذهب إليه أحد من العلماء فيما نعلم.
وفي حديث حنين، أن دريد بن الصمة قال: بأي واد أنتم قالوا بأوطاس، فقال: نعم مجال الخيل، لا حزن ضرس، ولا سهل دهس، ثم قال لمالك بن عوف: مالي أسمع بكاء الصغير ورغاء البعير ونهاق الحمير ويعار الشاء.? قال مالك. يا أبا قرة، اني سقت مع الناس أموالهم وذراريهم، وأردت أن أجعل كل رجل منهم أهله وماله، يقاتل عنه، فأنقض به دريد ثم قال: لبس