ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). (1) فلما ورد الكتاب على عبد الملك سر بما أنهى إليه الوالي، وعلم أنه قد نصحه فدعا بزيد بن الحسن وأقرأه الكتاب، فقال زيد: أعطاه وأرضاه.
فقال عبد الملك: هل تعرف أمرا غير هذا؟ قال: نعم، عنده سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسيفه، ودرعه، وخاتمه وعصاه، وتركته، فاكتب إليه فيه، فان هو لم يبعث [به] فقد وجدت إلى قتله سبيلا.
فكتب عبد الملك إلى العامل أن أحمل إلى أبي جعفر محمد بن علي ألف ألف درهم وليعطك ما عنده من ميراث رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأتى العامل منزل أبي جعفر بالمال وأقرأه الكتاب، فقال: أجلني أياما. قال: نعم. فهيأ أبي متاعا مكان كل شيء، ثم حمله ودفعه إلى العامل، فبعث به إلى عبد الملك، فسر به سرورا شديدا، فأرسل إلى زيد فعرض عليه، فقال زيد:
والله ما بعث إليك من متاع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقليل ولا كثير.
فكتب عبد الملك إلى أبي: إنك أخذت ما لنا ولم ترسل إلينا بما طلبنا، فكتب إليه أبي: إني قد بعثت إليك بما قد رأيت، وأنه ما طلبت، وإن شئت لم يكن. فصدقه عبد الملك، وجمع أهل الشام، وقال: هذا متاع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أتيت به، ثم أخذ زيدا وقيده وبعث به إلى أبي، وقال له:
لولا إني لا أريد أن أبتلى بدم أحد منكم لقتلتك.
وكتب إلى أبي [جعفر] (عليه السلام) أنى بعثت إليك بابن عمك فأحسن أدبه.
فلما أتى به أطلق عنه وكساه.
ثم إن زيدا ذهب إلى سرج فسمه، ثم أتى به إلى أبي فناشده ألا ركبت هذا السرج.