ثم قال: يا زيد إن نطقت هذه الصخرة التي نحن عليها أتقبل؟ قال: نعم. وحلف له على ذلك، فرجفت الصخرة مما يلي زيد، حتى كادت أن تفلق، ولم ترجف مما يلي أبي، ثم قالت:
يا زيد أنت ظالم، ومحمد أولى بالأمر منك، فكف عنه، وإلا وليت قتلك. فخر زيد مغشيا عليه، فأخذ أبي بيده وأقامه، ثم قال: يا زيد أرأيت إن نطقت هذه الشجرة أتكف؟ قال: نعم.
فدعا أبي (عليه السلام) الشجرة، فأقبلت تخد الأرض حتى أظلتهم، ثم قالت: يا زيد أنت ظالم، ومحمد أحق بالأمر منك، فكف عنه وإلا قتلتك.
فغشى على زيد، فأخذ أبي بيده، وانصرفت الشجرة إلى موضعها.
فحلف زيد أن لا يعرض لأبي ولا يخاصمه، فانصرف وخرج زيد من يومه إلى عبد الملك بن مروان (1) فدخل عليه، وقال له: أتيتك من عند ساحر كذاب لا يحل لك تركه، وقص عليه ما رأى، فكتب عبد الملك إلى عامل المدينة: أن أبعث إلى بمحمد بن على مقيدا.
وقال لزيد: أرأيتك إن وليتك قتله تقتله؟ قال: نعم.
[قال:] فلما انتهى الكتاب إلى العامل أجاب [العامل] عبد الملك: ليس كتابي هذا خلافا عليك يا أمير المؤمنين، ولا أرد أمرك، ولكن رأيت أن أراجعك في الكتاب نصيحة لك، وشفقة عليك، وأن الرجل الذي أردته ليس اليوم على وجه الأرض أعف منه، ولا أزهد، و [لا] أورع منه، وأنه ليقرأ في محرابه، فيجتمع الطير والسباع تعجبا لصوته، وأن قراءته لتشبه مزامير داود، وأنه من أعلم الناس، وارق الناس وأشد الناس اجتهادا وعبادة، وكرهت لأمير المؤمنين التعرض له، ف (إن الله لا يغير