فقال له أبي: قد حرم الله عليك ما فعلت لأن الله تعالى يقول: ﴿ولا تجسسوا﴾ (1) فاحفظ الشهادة لعلنا نحتاج إليها يوما ما وإياك أن تظهرها إلى وقتها.
فلما أصبح أبي كتب نسخة الرسالة في عشر رقاع وختمها ودفعها إلى عشرة من وجوه العصابة وقال: ان حدث بي حدث الموت قبل أن أطالبكم بها فافتحوها واعلموا بما فيها، فلما مضى أبو جعفر (عليه السلام) ذكر أبي إنه لم يخرج من منزله حتى قطع على يديه نحو من أربعمائة إنسان واجتمع رؤساء العصابة عند محمد بن الفرج يتفاوضون هذا الأمر.
فكتب محمد بن الفرج إلى أبي يعلمه باجتماعهم عنده وأنه لو لا مخافة الشهرة لصار معهم إليه ويسأله أن يأتيه، فركب أبي وصار إليه، فوجد القوم مجتمعين عنده، فقالوا لأبى: ما تقول هذا الأمر؟ فقال أبي: لمن عنده الرقاع، احضروا الرقاع، فأحضروها، فقال لهم: هذا ما أمرت به، فقال بعضهم: قد كنا نحب أن يكون معك في هذا الأمر شاهد آخر؟
فقال لهم: قد آتاكم الله عزوجل به هذا أبو جعفر الأشعري يشهد لي بسماع هذه الرسالة وسأله أن يشهد بما عنده، فأنكر أحمد أن يكون سمع من هذا شيئا فدعاه أبي إلى المباهلة.
فقال لما حقق عليه، قال: قد سمعت ذلك وهذا مكرمة كنت أحب أن تكون لرجل من العرب لا لرجل من العجم: فلم يبرح القوم حتى قالوا بالحق جميعا.
وقال الكليني: وفي نسخة الصفواني:
محمد بن جعفر الكوفي، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن الحسين الواسطي إنه سمع أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفر يحكي أنه أشهده على هذه