(قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم) (1) (وكان أمر الله قدرا مقدورا) (2) وبكر المأمون من الغد، فأمر بغسله وتكفينه ومشى خلف جنازته حافيا حاسرا، يقول: يا أخي لقد ثلم الإسلام بموتك، وغلب القدر تقديري فيك، وشق لحد الرشيد فدفنه معه فقال: نرجو أن الله تبارك وتعالى ينفعه بقربه. (3) [335] - 3 - وقال أيضا:
حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا ياسر الخادم، قال: لما كان بيننا وبين طوس سبعة منازل إعتل أبو الحسن (عليه السلام)، فدخلنا طوس وقد اشتدت به العلة، فبقينا بطوس أياما، فكان المأمون يأتيه في كل يوم مرتين، فلما كان في آخر يومه الذي قبض فيه كان ضعيفا في ذاك اليوم.
فقال لي بعدما صلى الظهر: يا ياسر ما أكل الناس شيئا، قلت: يا سيدي من يأكل هاهنا مع ما أنت فيه، فانتصب (عليه السلام)، ثم قال: هاتوا المائدة ولم يدع من حشمه أحدا إلا أقعده معه على المائدة يتفقد واحدا واحدا، فلما أكلوا، قال: إبعثوا إلى النساء بالطعام فحمل الطعام إلى النساء، فلما فرغوا من الأكل أغمي عليه وضعف فوقعت الصيحة.
وجاءت جواري المأمون ونساؤه حافيات حاسرات ووقعت الوحية (4) بطوس وجاء المأمون حافيا حاسرا يضرب على رأسه ويقبض على لحيته ويتأسف ويبكي وتسيل دموعه على خديه، فوقف على الرضا (عليه السلام) وقد أفاق.