وعوت وتهرت قطعة قطعة واستوفى (عليه السلام) باقي الرطب وحمل الغلام الصينية حتى صار بها إلى الرشيد فقال له: قد أكل الرطب عن آخره، قال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: فكيف رأيته؟ قال: ما أنكرت منه شيئا يا أمير المؤمنين.
ثم قال: ثم ورد عليه خبر الكلبة بأنها قد تهرت وماتت، فقلق الرشيد لذلك قلقا شديدا واستعظمه ووقف على الكلبة فوجدها متهرية بالسم فأحضر الخادم ودعا بسيف ونطع، وقال له: لتصدقني عن خبر الرطب أو لأقتلنك فقال له: يا أمير المؤمنين إني حملت الرطب إلى موسى بن جعفر وأبلغته سلامك وقمت بإزائه وطلب منى خلالا فدفعته إليه فأقبل يغرز في الرطبة بعد الرطبة ويأكلها حتى مرت الكلبة فغرز الخلال في رطبة من ذلك الرطب فرمى بها فأكلتها الكلبة وأكل هو باقي الرطب، فكان ما ترى يا أمير المؤمنين.
فقال الرشيد: ما ربحنا من موسى (عليه السلام) إلا أنا أطعمناه جيد الرطب وضيعنا سمنا وقتل كلبتنا، ما في موسى بن جعفر حيلة؟
ثم إن سيدنا موسى (عليه السلام) دعا بالمسيب وذلك قبل وفاته بثلاثة أيام وكان موكلا به فقال له: يا مسيب، قال: لبيك يا مولاي، قال: إني ظاعن في هذه الليلة إلى المدينة مدينة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا عهد إلى علي ابني ما عهده إلى أبي وأجعله وصيي وخليفتي وآمره أمري.
قال المسيب: فقلت: يا مولاي كيف تأمرني أن أفتح لك الأبواب وأقفالها والحرس معي على الأبواب؟
فقال: يا مسيب ضعف يقينك بالله عزوجل وفينا قلت: لا يا سيدي، قال: فمه، قلت: يا سيدي أدع الله أن يثبتني، فقال: اللهم، ثبته.
ثم قال: إني أدعو الله عزوجل باسمه العظيم الذي دعا آصف حتى جاء بسرير