البغضاء، ويظهر الشحناء من رجالهم ونسائهم، فكان مني في ذلك ما قد رأيتم، ثم ألتفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.
فقال (عليه السلام): يا أخا اليهود هذه المواطن التي امتحنني فيه ربي عزوجل مع نبيه (صلى الله عليه وآله) فوجدني فيها كلها بمنه مطيعا، ليس لاحد فيها مثل الذي لي ولو شئت لوصفت ذلك ولكن الله عزوجل نهى عن التزكية.
فقالوا: يا أمير المؤمنين: صدقت والله لقد أعطاك الله عزوجل الفضيلة بالقرابة من نبينا (صلى الله عليه وآله)، وأسعدك بأن جعلك أخاه، تنزل منه بمنزلة هارون من موسى، وفضلك بالمواقف التي باشرتها، والأهوال التي ركبتها، وذخر لك الذي ذكرت وأكثر منه مما لم تذكره، ومما ليس لأحد من المسلمين مثله، يقول ذلك من شهدك منا مع نبينا (صلى الله عليه وآله) ومن شهدك بعده فأخبرنا يا أمير المؤمنين ما امتحنك الله عزوجل به بعد نبينا (صلى الله عليه وآله) فاحتملته وصبرت، فلو شئنا ان نصف ذلك لوصفناه علما منا به وظهورا منا عليه، إلا انا نحب أن نسمع منك ذلك كما سمعنا منك ما امتحنك الله به في حياته فأطعته فيه.
فقال (عليه السلام): يا أخا اليهود إن الله عزوجل امتحنني بعد وفاة نبيه (صلى الله عليه وآله) في سبعة مواطن فوجدني فيهن - من غير تزكية لنفسي - بمنه ونعمته صبورا.
وأما أولهن يا أخا اليهود فإنه لم يكن لي خاصة دون المسلمين عامة أحد آنس به أو اعتمد عليه أو أستنيم إليه أو أتقرب به غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو ربانى صغيرا وبوأنى كبيرا، وكفاني العيلة، وجبرني من اليتم، وأغناني عن الطلب، ووقاني المكسب، وعال لي النفس والولد والأهل هذا في تصاريف أمر الدنيا مع ما خصني به من الدرجات التي قادتني إلى معالى الحق عند الله عزوجل فنزل بي من وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما لم أكن أظن الجبال لو حملته عنوة كانت تنهض به فرأيت الناس من أهل بيتي ما بين جازع لا يملك جزعه، ولا يضبط نفسه، ولا يقوى على حمل فادح ما نزل به قد أذهب الجزع صبره، واذهل عقله، وحال بينه وبين الفهم والإفهام والقول والإسماع، وسائر الناس من غير بني عبد المطلب بين معز يأمر بالصبر وبين