الذي عراه أخذ بيد علي (عليه السلام) واتبعه جماعة من الناس وتوجه إلى البقيع فقال لمن اتبعه: إني قد أمرت بالاستغفار لأهل البقيع، فانطلقوا معه حتى وقف بين أظهرهم وقال: السلام عليكم يا أهل القبور ليهنئكم ما أصبحتم فيه، مما فيه الناس، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع أولها آخرها، ثم استغفر لأهل البقيع طويلا وأقبل على أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: إن جبرائيل (عليه السلام) كان يعرض علي القرآن كل سنة مرة وقد عرضه علي العام مرتين ولا أراه إلا لحضور أجلي. (1) [40] - 3 - وأضاف المفيد ثم قال: يا علي إني خيرت بين خزائن الدنيا والخلود فيها أو الجنة; فاخترت لقاء ربي والجنة، فإذا أنا مت فاغسلني واستر عورتي; فإنه لا يراها أحد إلا أكمه، ثم عاد إلى منزله فمكث ثلاثة أيام موعوكا; ثم خرج إلى المسجد معصوب الرأس معتمدا على أمير المؤمنين (عليه السلام) بيمني يديه وعلى الفضل بن العباس باليد الأخرى حتى صعد المنبر فجلس عليه; ثم قال: معاشر الناس قد حان مني خفوق من بين أظهركم; فمن كان له عندي عدة فليأتنى أعطه إياها، ومن كان له علي دين فليخبرنى به. معاشر الناس ليس بين الله وبين أحد شيء يعطيه به خيرا أو يصرف عنه به شرا إلا العمل.
أيها الناس لا يدعى مدع، ولا يتمنى متمن; والذي بعثني بالحق نبيا لا ينجنى إلا عمل مع رحمة ولو عصيت لهويت، اللهم هل بلغت؟ ثم نزل فصلى بالناس صلاة خفيفة ودخل بيته، وكان إذ ذاك في بيت أم سلمة رضي الله عنها فأقام به يوما أو يومين.
فجائت عائشة إليها تسألها أن تنقله إلى بيتها لتتولى تعليله! وسألت أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) في ذلك فأذن لها فانتقل (صلى الله عليه وآله) إلى البيت الذي أسكنه عايشة، واستمر به المرض فيه أياما وثقل. (2)