بالحكمة ودقائق العلوم الإلهية من أفلاطون وأرسطو! ولم يعاشر أرباب الحكم الخلقية، والآداب النفسانية؛ لأن قريشا لم يكن أحد منهم مشهورا بمثل ذلك، وخرج أعرف بهذا الباب من سقراط. ولم يرب بين الشجعان؛ لأن أهل مكة كانوا ذوي تجارة ولم يكونوا ذوي حرب، وخرج أشجع من كل بشر مشى على الأرض.
قيل لخلف الأحمر: أيما أشجع عنبسة وبسطام أم علي بن أبي طالب؟
فقال: إنما يذكر عنبسة وبسطام مع البشر والناس لا مع من يرتفع عن هذه الطبقة.
فقيل له: فعلى كل حال. قال: والله لو صاح في وجوههما لماتا قبل أن يحمل عليهما.
وخرج أفصح من سحبان وقس، ولم تكن قريش بأفصح العرب، كان غيرها أفصح منها، قالوا: أفصح العرب جرهم وإن لم تكن لهم نباهة.
وخرج أزهد الناس في الدنيا وأعفهم، مع أن قريشا ذوو حرص ومحبة للدنيا، ولا غرو فيمن كان محمد (صلى الله عليه وآله) مربيه ومخرجه، والعناية الإلهية تمده وترفده، أن يكون منه ما كان (1)!
وذكر عن شيخه أبي عثمان قال: حدثني ثمامة، قال: سمعت جعفر بن يحيى - وكان من أبلغ الناس وأفصحهم - يقول: الكتابة ضم اللفظة إلى اختها، أ لم تسمعوا قول شاعر لشاعر وقد تفاخرا: أنا أشعر منك لأني أقول البيت وأخاه، وأنت تقول البيت وابن عمه! ثم قال: وناهيك حسنا بقول علي بن أبي طالب (عليه السلام):