هل من مناص أو خلاص، أو معاذ أو ملاذ، أو فرار أو محار!.
قال أبو عثمان: وكان جعفر يعجب أيضا بقول علي (عليه السلام): أين من جد واجتهد، وجمع واحتشد، وبنى فشيد، وفرش فمهد، وزخرف فنجد؟!
قال: ألا ترى أن كل لفظة منها آخذة بعنق قرينتها، جاذبة إياها إلى نفسها، دالة عليها بذاتها؟!
قال أبو عثمان: فكان جعفر يسميه فصيح قريش.
واعلم أننا لا يتخالجنا الشك في أنه (عليه السلام) أفصح من كل ناطق بلغة العرب من الأولين والآخرين، إلا من كلام الله سبحانه، وكلام رسول الله (صلى الله عليه وآله)؛ وذلك لأن فضيلة الخطيب والكاتب في خطابته وكتابته تعتمد على أمرين، هما: مفردات الألفاظ ومركباتها.
أما المفردات: فأن تكون سهلة، سلسة، غير وحشية ولا معقدة، وألفاظه (عليه السلام) كلها كذلك.
فأما المركبات فحسن المعنى، وسرعة وصوله إلى الأفهام، واشتماله على الصفات التي باعتبارها فضل بعض الكلام على بعض، وتلك الصفات هي الصناعة التي سماها المتأخرون البديع، من المقابلة والمطابقة، وحسن التقسيم، ورد آخر الكلام على صدره، والترصيع، والتسهيم، والتوشيح، والمماثلة، والاستعارة، ولطافة استعمال المجاز، والموازنة، والتكافؤ، والتسميط، والمشاكلة.
ولا شبهة أن هذه الصفات كلها موجودة في خطبه وكتبه، مبثوثة متفرقة في فرش كلامه (عليه السلام)، وليس يوجد هذان الأمران في كلام أحد غيره، فإن كان قد