موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ - محمد الريشهري - ج ١٠ - الصفحة ٢٧٦
كلمات لا تتجاوز السطرين أو الثلاثة؛ إما في موعظة تتضمن ذكر الموت أو ذم الدنيا أو ما يتعلق بحرب وقتال من ترغيب أو ترهيب، فأما الكلام في الملائكة وصفاتها وصورها وعباداتها وتسبيحها ومعرفتها بخالقها وحبها له وولهها إليه، وما جرى مجرى ذلك مما تضمنه هذا الفصل على طوله فإنه لم يكن معروفا عندهم على هذا التفصيل، نعم ربما علموه جملة غير مقسمة هذا التقسيم ولا مرتبة هذا الترتيب بما سمعوه من ذكر الملائكة في القرآن العظيم.
وأما من عنده علم من هذه المادة كعبد الله بن سلام وأمية بن أبي الصلت وغيرهم فلم تكن لهم هذه العبارة ولا قدروا على هذه الفصاحة، فثبت أن هذه الامور الدقيقة في مثل هذه العبارة الفصيحة لم تحصل إلا لعلي وحده، واقسم إن هذا الكلام إذا تأمله اللبيب اقشعر جلده ورجف قلبه، واستشعر عظمة الله العظيم في روعه وخلده وهام نحوه وغلب الوجد عليه، وكاد أن يخرج من مسكه شوقا وأن يفارق هيكله صبابة ووجدا (1).
وقال في ذيل الخطبة 109: هذا موضع المثل: " في كل شجرة نار، واستمجد المرخ والعفار (2) " الخطب الوعظية الحسان كثيرة، ولكن هذا حديث يأكل الأحاديث:
محاسن أصناف المغنين جمة * وما قصبات السبق إلا لمعبد من أراد أن يتعلم الفصاحة والبلاغة ويعرف فضل الكلام بعضه على بعض

(١) شرح نهج البلاغة: ٦ / ٤٢٥.
(٢) المرخ: من شجر النار، سريع الوري، والعفار: شجر يتخذ منه الزناد (تاج العروس: ٤ / 311 وج 7 / 243). قال الميداني: استمجد المرخ والعفار: أي استكثرا وأخذا من النار ما هو حسبهما يضرب في تفضيل بعض الشيء على بعض (مجمع الأمثال: 2 / 445).
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست