موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ - محمد الريشهري - ج ١٠ - الصفحة ٣٠٥
9 / 2 تسيير سحب الأمطار إلى أعالي الجبال (1) 5670 - الإمام علي (عليه السلام): وفسح بين الجو وبينها، وأعد الهواء متنسما لساكنها، وأخرج إليها أهلها على تمام مرافقها، ثم لم يدع جرز (2) الأرض التي تقصر مياه العيون عن روابيها، ولا تجد جداول الأنهار ذريعة إلى بلوغها، حتى أنشأ لها ناشئة سحاب تحيي مواتها وتستخرج نباتها. ألف غمامها بعد افتراق لمعه وتباين قزعه، حتى إذا تمخضت لجة المزن فيه، والتمع برقه في كففه (3)، ولم ينم وميضه في كنهور ربابه ومتراكم سحابه، أرسله سحا متداركا، قد أسف هيدبه، تمريه الجنوب درر أهاضيبه ودفع شآبيبه، فلما ألقت السحاب برك بوانيها، وبعاع ما استقلت به من العبء المحمول عليها أخرج به من هوامد الأرض النبات، ومن زعر الجبال الأعشاب، فهي تبهج بزينة رياضها، وتزدهي بما ألبسته من ريط

(١) يبين الإمام علي (عليه السلام) في الخطبة ٩١ نعمة من نعم الله على عباده، تتصل بتحريك الجو وما فيه من هواء ورياح وغيوم. ففي تقدير الله تعالى أنه أجرى في السهول أنهارا ليشرب منها الناس والدواب والنبات، أما المناطق العالية في الجبال فلم يتركها بدون ماء وحياة، بل سير لها نصيبها من الماء عن طريق حركة الرياح التي تنشأ عن اختلاف الحرارة بين سطح البحر وسطح الجبل، فإذا تبخر ماء البحر علا في الجو لخفته، وانحدر من الجبل هواء بارد يملأ فراغه، فتحدث بذلك دورة للرياح، تحمل بموجبها سحب الأمطار إلى أعالي الجبال، فإذا وصلت إلى هنالك فوجئت ببرودة جو الجبال، فتكاثفت وانعقدت أمطارا، تجري على رؤوس الجبال، مشيعة الحياة والخصب والنضارة والرزق للنبات والأنعام والأنام (تصنيف نهج البلاغة: ٧٨٥).
(٢) الجرز: الأرض التي لا نبات بها ولا ماء (النهاية: ١ / ٢٦٠).
(٣) كفة كل شيء بالضم: طرته وحاشيته (النهاية: ٤ / 191).
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»
الفهرست